إعداد :أسامة
هي قصة خيالية للكاتب الروسي ( ليو تولستوي ) ، لكنها واقعية
في المعنى العميق الجوهري .
قصة مَلَكٍ ، فسق عن أمر ربه – وهذا لا يجوز ولا يكون طبعا
، لكن العقلية الكتابية تستوعب هذا ، وعقلية إسلامية خرافية ( هاروت و ماروت ) تستوعب
هذا ، لكن عقلية قرآنية عقائدية صحيحة لا تستوعب هذا « لا يعصون الله ما أمرهم ...
» .
مَلَكْ ، فسق عن أمر ربه ، لأن الله أمره أن يقبض نفس امرأة
أرملة على يتيمين ، أبوهما كان قد درج وقضى
من قبل ، غير أن المَلَكَ أخذته عاطفة الرحمة فقال : كيف يارب هذا وقد قبضنا روح الأب
من قبل و الآن نقبض روح الأم فلمن يبقيان ،
لن أفعل.
فطرده الله من الملكوت ومَثَّلهُ في شكل إنسان، وأنزله إلى
الأرض عاريا ، فأصبح إنسانا .. غير أن جوهره في الداخل ملكي .
الله تبارك وتعالى قال له : لن تعود إلى الملكوت حتى تكتشف
الجواب عن ثلاثة أسئلة !
- أعظم ما
مُنِحَهُ الإنسان ؟
- وما الذي
مُنِعَهُ الإنسان ؟
- وعلى ما
يحيا الإنسان ؟
وكان نزول المَلَكِ في أرض شديدة القر والبرد ، غير أن الله
برحمته قَيَّضَ له صانع أحذية رفيقا شفوقا وقنوعا هو وزوجته بما رزقهم الله.
أخذه هذا الإسكافي وأدخله بيته وستره بشيء من ملابسه وهو
لا يدري أنه مَلَك ، ثم قدم له طعام الضيافة ، وأدفأه واستقبله في بيته كم شاء . فعثر المَلَك على أول جواب لأول سؤال
!
أعظم ما مُنِحَه الإنسان ؟
الذي مُنحه الإنسان هو حُب الآخرين .
فبلا حب لا معنى للحياة،
وكان الجواب صحيحا.
بعد ذلك قيّض الله لذلك المَلَكِ أن يتصل حبله بحبل رجل غني
مكابر مُذِل معجب بنفسه و بثروته ، يأتيه السائلون فيرد أكثرهم بلا نوال ، ويعطي أقلهم
العطاء الشحيح الذي لا ينقعُ غُلّة ولا يشفي عِلّة ، عطاء قليلا محقورا. و المَلَك
رأى كل هذا وعاشه. لكن الرجل في يوم من الأيام بعث إلى مجموعة كبيرة من الحذائين يريد
زوجين من النعال لم يرى الراؤون مثلهما ، ومن أفخر جلد ممكن ، فوقعت القرعة على أحدهم
وذهب يتفنن في صناعة النعال ، وفي اليوم الذي أتى هذا الحذّاء بالنعلين لاحظ المَلَك
أن الله تبارك وتعالى عاجَلَ الفخور الغني فلم يلبسهما ، ضاعت الحياة فلم يلبس النعلين
، فالحياة لاتساوي النعلين في النهاية . فوَضَح للمَلَك الجواب عن السؤال الثاني ،
ما الذي مُنِعَه الإنسان ؟ هو
اللياقة والحكمة في تحديد أهدافه وغاياته الحقيقية في الحياة !
الحياة ليست نعالا ولباسا ، الحياة ليست شهوات ولا سلطة فارغة
، ليست هذه الحاجات الحقيقية ، لكن للأسف يخطيء معظم الناس إذ ليست لديهم القدرة أن
يحددوا أهدافهم الجوهرية الحقيقية في الحياة ، يضلون عنها ، يعيش عمره من أجل أن يصيب
سلطة حتى إذا أصابها أفسدته و أفقدته روحه و أفسدت عليه حب الآخرين .
بقي السؤال الثالث ، على ما يحيا الإنسان ؟
هذا أهم شيء على الإطلاق ، ما الذي يجعل لحياتنا معنى ، إكتشف
الملك أن الذي يجعل لحياته معنى
هو التالي .. قال : قبل أن أهبط مما كنت فيه ، وبلا
خبرة ولا تمهّر كيف أكسب رزقي كيف أستر عورتي كيف أدفيء بردتي ، قال : لولا ما قيض
الله لي من ذلكم الإسكاف الرفيق الشفوق لهلكت .
إذاً ما يجعل لحياتنا معنى هو رعاية وخدمة ومساعدة الآخرين
،
وهنا اكتشف المَلَك حكمة الله الذي كان جهله
بها سببا في طرده من الملكوت إذ غلبته الرحمة والعطف فلم يقدر عل قبض روح أم اليتيمين لئلا يظلا بلا عائل فيضيعا في الحياة
.
ثم قال : لا، قطعا ذلكم اليتيمان الصغيران ، الله تبارك وتعالى
قيض لهما من البشر الذين ملأت الرحمة والمحبة
قلوبهم من يعيش لأجلهم ويخدمهم وهذا ما حصل معي أنا ولست طفلا ولا يتيما وهناك من عُنِيّ بي .
إذا لم يغير حياتك هذا الكلام فأنت لم تفقه ، إذا لم تجد أن قيّمك في الحياة ،
مسالكك و نوازعك ، قد تغيرت بعد هذا فأنت إذا لم تفقه ، ليس لك أن تحفظ الكلام كالأطفال
وتُعيده و تقيئه .. ليس هذا ، إذًا فلننتبه فإن من أهم الأشياء وأشرفها وأخطرها ، أن
نُحدد غاياتنا في الحياة .
فمعظم الناس تتمحور حياتهم على إغاضة و إيذاء الآخرين ، يتألهون
ويتبجحون بقول : أن الآخرين لا معرفة لهم بالحقائق
..... فهل أنت تعرف !؟ ويضر نفسه فقط من أجل أن يضر الآخرين . فما هي غاياتك وما هي
أهدافك !؟